U3F1ZWV6ZTEwOTA3NjExMTU1MTk0X0ZyZWU2ODgxNDY0MzA3MDM1

مسطرة الإنقاذ و آثارها : إعداد الحل و اختيار الحل ؟


 آثار حكم فتح مسطرة الإنقاذ


سنتطرق في هذا الفصل إلى مضمون الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ وتأثيره على سلطات رئيس المقاولة (المبحث الأول) ومرحلة إعداد الحل (المبحث الثاني).

المبحث الأول :  مضمون الحكم وآثاره على رئيس المقاولة


بمجرد صدور حكم فتح مسطرة الإنقاذ تنتج عنه مجموعة من الآثار المهمة في مواجهة الدائنين ، ومن هذا المنطلق فلا مناص من الحديث عن مضمون الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ (المطلب الأول) تحديدا آثاره على رئيس المقاولة (المطلب الثاني)

المطلب الأول :  مضمون حكم فتح مسطرة الإنقاذ


يترتب عن حكم فتح مسطرة الإنقاذ تعيين القاضي المنتدب (الفقرة الأولى) وتعيين السنديك (الفقرة الثانية) كجهازين متدخلين في المسطرة .
الفقرة الأولى :  تعيين القاضي المنتدب 

مباشرة بعد الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ ، يجب أن تعين المحكمة قاضيا منتدبا ومنع إسناد هذه المهمة إلى أقارب رئيس المقاولة ومسيريها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية ، وذلك احتراما للنزاهة والحياد والاستقلالية التي يجب أن يتحلى بها القاضي المنتدب وهو يؤدي مهامه، وقد أثارت مسألة تعيين القاضي المنتدب خلافا إذا كان القاضي المنتدب يعين من بين القضاة المنتمين للهيئة التي صدرت الحكم أم من خارجها وفي هذا الصدد انقسم الفقه إلى اتجاهين ،اتجاه يقول بتعيين القاضي المنتدب من الهيئة التي أصدرت الحكم تجنبا لإهدار الوقت وبعثرة الجهود ، واتجاه آخر يقول بتعيين القاضي المنتدب من خارج هيئة الحكم القاضي بفتح المسطرة اعتمادا على كون بعض المحاكم تعتد على نظام تخصص القضاة المنتدبين وتفرعهم لهذه المهمة دون مهام الحكم .
ولا يمكن اعتبار المحكمة التجارية الجهة الوحيدة التي تظفر بتعيين القاضي المنتدب ، بل يمكن في حالة استئناف الحكم الرافض لفتح المسطرة أمام محكمة الاستئناف  التجارية و البث من جديد بفتحها ، أن تعينه محكمة الاستئناف التجارية وذلك بالرغم من صراحة النصوص القانونية في تخصيص المحكمة التجارية بهذا الاختصاص  .
ويحظى القاضي المنتدب بالدور الأهم والأعظم في هذه المسطرة وهذا ما أكدته المادة 671 من مدونة التجارة حيث نصت على أنه '' يسهر القاضي المنتدب على السير السريع للمسطرة وعلى حماية المصالح القائمة " ، والقاضي المنتدب بهذه الحال يعتبر عين المحكمة الساهرة على المقاولة موضوع البحث عن الحل الممكن لإنقاذها ، لذلك سلحته المدونة بآليات قانونية هامة تروم مساعدته لتحقيق الأهداف التي عين من أجلها حيث نصت المادة 672 من مدونة التجارة على أنه   :   "يبث القاضي المنتدب بمقتضى أوامر في الطلبات والمنازعات والمطالب الداخلية في اختصاصه لاسيما الطلبات الإستعجالية و الوقائية والإجراءات التحفظية المرتبطة بالمسطرة وكذا الشكاوى المقدمة ضد أعمال السنديك "   كما جاء في المادة 678 من نفس المدونة السالفة الذكر على أن القاضي المنتدب يقوم بتعيين واحد إلى ثلاثة مراقبين من بين الدائنين الذين يتقدمون إليه بطلب على أنه يقترح على المحكمة عزلهم أو كذلك عزل السنديك ، وضمانا للشفافية والنجاعة في جدية الحلول المقترحة للبحث عن إنقاذ ممكن للمقاولة ، فإن القاضي المنتدب يسهر على أن يكون واحدا من المراقبين حالة تعددهم من بين الدائنين أصحاب الضمانات وأن يكون آخر من ضمن الدائنين العاديين وهذا هو منطوق الفقرة الثانية من المادة 678 من مدونة التجارة 
الفقرة الثانية :  تعيين السنديك 

إذا كان للقاضي المنتدب أدوار مهمة أسندت له بمقتضى القانون 17.73 ، فإن الأدوار المنوطة بالسنديك لا تقل أهمية لأنه يعتبر من أهم الأجهزة المحركة لمسطرة الإنقاذ ، إذ يتضمن حكم المحكمة التجارية بفتح مسطرة الإنقاذ تعيين كل من القاضي المنتدب ونائبه والسنديك . ويكلف السنديك طبقا للمادة 673 بتنفيذ مخطط الإنقاذ تحت إشراف القاضي المنتدب والذي يتعين عليه أن يخبره بسير المسطرة ، ويتعين على السنديك بمناسبة مراقبته لتنفيذ مخطط الإنقاذ أن يحترم الالتزامات القانونية والتعاقدية المفروضة على رئيس المقاولة ، وبالمقابل تكون هناك غرامة مالية تهديدية يحددها القاضي المنتدب عند حيازة الغير للوثائق والدفاتر المحاسبية المتعلقة بالمقاولة في حالة عدم وصفها رهن إشارة السنديك  .
أما فيما يخص العقود الجارية فقد وضعها المشرع في يد السنديك الذي يملك وحده حق المطالبة بتنفيذها أوحق التخلي عنها ، بدون إذن سابق من رئيس المقاولة و القاضي المنتدب أو استشارتها فيستفرد وحده بهذا القرار حسب المادة 573 من القانون الملغى كتابه الخامس المقابلة للمادة 588 من قانون 73-17  من مدونة التجارة ويتوقف استمرار العقود على إرادة السنديك بغض النظر عن طبيعة العقود المهمة ، سواء كان مساعدا للمدين أو مراقبا له أو مكلفا وحده التسيير من المادة 576 من الكتاب الخامس الملغى المقابل للمادة 592 من قانون 73-17  من مدونة التجارة .

المطلب الثاني :  آثار الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ على رئيس المقاولة 


يحظى رئيس المقاولة بمجموعة من السلطات إزاء الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ (الفقرة الأولى) كما تقع على عاتقه مجموعة من الالتزامات (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :  سلطات رئيس المقاولة بعد الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ 

يتمتع رئيس المقاولة بسلطات مهمة بعد الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ لاسيما أنه يحتفظ بكافة صلاحياته في التسيير ، وذلك لطمأنة المتعاملين مع المقاولة بخصوص استمرار الروابط التجارية فيما بينهم وبين المقاولة من خلال الحفاظ على نفس طاقم التسيير من جهة ، ومن جهة أخرى طمأنة رئيس المقاولة بخصوص وضعه القانوني داخل المقاولة وتشجيعه على مواصلة جهوده لإنقاذ المقاولة .
وفي نفس السياق ذهب المشرع إلى التنصيص على احتفاظ رئيس المقاولة بعمليات التسيير مع خضوعه بخصوص أعمال البيع والشراع وكل ما يتعلق بتصرفاته القانونية بحكم فتح المسطرة لمراقبة السنديك الذي يرفع تقريرا بذلك إلى القاضي المنتدب  .
وحسنا فعل المشرع المغربي بخصوص الحفاظ على اختصاصات رئيس المقاولة أثناء الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ وعدم غل يده لكونه يلم بخبايا ، المقاولة والقادر على الخروج بها إلى بر الأمان والنجاة من الزوال وذلك بمساعدة من القضاء وهو الذي يسهر على إدارة مقاولته وتمثيلها أمام الإدارات العمومية والقضاء لهذا نص المشرع طبقا للمادة 574 من مدونة التجارة على أنه '' لا تطبق على مسطرة الإنقاذ مقتضيات الباب الحادي عشر من القسم السادس من الكتاب الخامس ، فترة الريبة وبالتالي فكل التصرفات التي أجراها ويجريها رئيس المقاولة تعتبر صحيحة وغير باطلة ، إلا إذا ثم إبطالها من طرف المحكمة التجارية   .

الفقرة الثانية :  التزامات رئيس المقاولة 

فرض القانون 17.73 على رئيس المقاولة اتخاذ العديد من الإجراءات التحفظية لحماية أصول المقاولة والمصالح المتواجدة إذ يتعين عليه بمجرد فتح المسطرة ، أن يقوم بإعداد جرد لأمواله والضمانات المثقلة بها يضعه مرفقا بقائمة مصادق عليها رهن إشارة القاضي المنتدب والسنديك كما يشير فيها إلى الأموال التي من شأنها أن تكون موضع حق استرداد من قبل الغير .
ويمكن لرئيس المقاولة الاستعانة بخبير كذلك للقيام بالجرد المذكور ، ولكون مسطرة الإنقاذ لا تدخل ضمن مساطر المعالجة بحكم عدم قيام حالة التوقف عن الدفع ، فإن هذه المسطرة لا تتضمن فترة الريبة ولا تكون التصرفات فيها باطلة أو قابلة للإبطال كما في مساطر المعالجة  ، لكون الآثار المترتبة في حق رئيس المقاولة المدين في التسوية الودية ، بمقتضى الاتفاق الودي تكون تحت طائلة فسخ الاتفاق وسقوط آجال الأداء الممنوحة (المادة 558 من مدونة التجارة من الكتاب الخامس الملغى ) ، إن لم ينفذ الالتزامات التي تحملها وأداء الديون في التاريخ المتفق عليه كما يتعين عليه أن يتخذ الإجراءات والتدابير التي يتطلبها تنفيذ مخطط التسوية الودية لتصحيح وضعية المقاولة   .

المبحث الثاني :  مرحلة إعداد واختيار الحل 


تعتبر مرحلة إعداد الحل أو كما سماها المشرع الفرنسي فترة الملاحظة محطة مهمة في مسار مسطرة المعالجة والإنقاذ بالنظر للدور المحوري الذي تضطلع به أجهزة المسطرة والمحكمة حيث تمارس نوعا من التوجيه الاقتصادي في حلة قضائية يأخذ بعدا اقتصاديا واجتماعيا ، لذلك تعتبر هذه المرحلة نقطة الانطلاق والتغيير التي يجب أن تتخذ فيها مجموعة من التدابير والإجراءات لإيقاف النزيف وتقويم الاختلالات للحيلولة دون استفحال الأزمة وخروجها عن السيطرة عن طريق إعداد الحل (المطلب الأول) ومن ثم تقوم المحكمة لاختيار الحل المناسب (المطلب الثاني) .

المطلب الأول :  إعداد الحل 


تعتبر فترة إعداد الحل منعطفا سيحدد مصير المقاولة ، حيث أسندت أغلبية التدابير للسنديك ، إذ يتولى إعداد تقرير الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية (الفقرة الأولى ) وكذا اتخاذ مجموعة من التدابير التكميلية أثناء فترة إعداد الحل (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :  إعداد تقرير الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية 

أسند المشرع المغربي مهمة إعداد الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالمقاولة موضوع فتح مسطرة الإنقاذ أو مسطرة التسوية أو التصفية القضائية للسنديك طبقا للمادتين 569
و 595 من مدونة التجارة ، إذ يتميز هذا التقرير بالطابع التمويلي . هكذا فإذا كان الحكم الذي يقضي باعتماد مخطط الإنقاذ أو التسوية أو التصفية يستشرف المستقبل ، فإن رصد واقع المقاولة  وتشخيص علتها يستوجب المعرفة العامة والعالمة والدقيقة لماضيها ، وهذا ما جعل المشرع يعهد بهذه المهمة للسنديك وليس لرئيس أو مسير المقاولة وتنفيذا لهذه المهمة خول المشرع للسنديك الاستعانة بخبير أو عدة خبراء وكذلك المساعدة التي يمكن أن يقدمها له رئيس المقاولة ونظرا لكون السنديك قد يكون من كتابة الضبط أو من الأغيار فإن القانون المغربي أحسن صنعا حينما خوله الاستعانة بخبراء أو بمشاركة أو مساعدة من رئيس المقاولة و ذلك مراعاة للطابع التقني الذي يتميز به تقرير الموازنة    وذلك من خلال تشخيص وتقويم المقاولة تقويما سليما اعتمادا على مشروع مخطط الإنقاذ والقيام بجميع المعلومات التقنية والمحاسبية بوصفها في هذا التقرير ويجب أن يكون التقرير شموليا ويتضمن المحاور التالية :
من الناحية الاقتصادية، يجب أن يتضمن التقرير جردا شاملا للمعطيات المتعلقة بالتسويق المنافس ووضعية الخدمات والإنتاج وجودتها وآفاقها المستقبلية.
ومن الناحية المالية، يجب أن يتضمن التقرير تحليلا حسابيا وماليا لوضعية المقاولة يشمل رأس المال، والسيولة النقدية المتوفرة و المداخيل والمصاريف المحتملة، وإمكانيات التمويل المتاحة.
أما من الناحية الاجتماعية، فإن التقرير يجب أن يهم علاقات الشغل داخل المقاولة، كعدد مناصب الشغل ومستوى حجم الأجور...
وذلك لمعرفة مصادر وأسباب هذه الصعوبات وطبيعتها وتحديدا لوسائل والأدوات المناسبة للخروج من الصعوبات .
وفي هذا الصدد صدر حكم عن المحكمة التجارية بمراكش يقول '' بقراءة متمعنة للمادة المذكورة يتضح أن مدة 18 شهرا السابقة لفتح المسطرة لا تكون إلا في الحكم القاضي بفتح المسطرة والعلة واضحة من هذا التحديد نظرا لكون المحكمة لا تكون على بينة من وضعية الشركة إلا بعد إيداع تقرير السنديك عن فترة الملاحظة ، وبعد ذلك أتاح المشرع للمحكمة إمكانية تغيير تاريخ التوقف عن الدفع مرة أو عدة مرات ، كلما ظهرت لها عناصر جديدة تبرر ذلك كما هو في نازلة الحال إذ أن تاريخ التوقف الفعلي للشركة المعنية بالأمر لم يتبين إلا بعد الأمر بإجراء فحص دقيق لوضعيتها من طرف خبير مختص واستنادا إلى طلب السنديك الذي وقف على مجموعة من المعطيات خلال إعداد تقريره ، وبالتالي فإن القول أن مدة 18 شهرا تعتبر حدا أقصى لا يمكن تجاوزه يبقى مردودا وتفسيرا معيبا لبنود المادة أعلاه بدليل أن المشرع وبمقتضى الفترة اللاحقة قد أجاز للمحكمة مراجعة تاريخ التوقف عن الدفع مما يكون معه ما آثاره البنك بهذا الخصوص على غير أساس وجديرا بعدم الاعتبار .

الفقرة الثانية :  التدابير التكميلية التي يقوم بها السنديك أثناء إعداد الحل 

في إطار الاستشارة ، يعمل السنديك على استشارة رئيس المقاولة والدائنين والمراقبين (أولا) كما يقوم بمهمة تحقيق الديون (ثانيا)

أولا :  استشارة رئيس المقاولة والدائنين والمراقبين 

قبل إحالة التقرير التفصيلي للموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة على المحكمة والقاضي المنتدب ينبغي على السنديك القيام بالاستشارة الكتابية لرئيس المقاولة برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل حيث ينبغي على المدين رئيس المقاولة إبلاغ السنديك بملاحظاته داخل أجل 8 أيام   ،كما يتعين عليه طبقا للمادة 601 من مدونة التجارة أن يقوم بتبليغ المراقبين المقترحات التي يتم التقدم بها من أجل تسديد الديون وذلك تبعا لإعدادها وتحت مراقبة القاضي المنتدب ويحصل السنديك على موافقة كل دائن سواء فرديا أو اجتماعيا صرح بدينه بشأن الآجال والتخفيضات التي يطلبها منهم لضمان تنفيذ مخطط استمرارية المقاولة في أحسن الأحوال ، في حالة استشارته لهم فرديا ، يكون عدم الجواب داخل أجل ثلاثين يوما ابتداء من تلقي رسالة السنديك بمثابة موافقة ، ويطلع السنديك على قائمة الدائنين بعدما يكونون قد صرحوا لديه  بديونهم داخل شهرين ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة القضائية للمعالجة بالجريدة الرسمية للدائنين القاطنين بالمغرب وأربعة أشهر بالنسبة لأولئك القاطنين بالخارج ، والاستشارة التي يقوم بها السنديك قد أحاطها المشرع بضمانات قانونية هامة ، لأن الأمر في نهاية المطاف يتعلق بتقديم تضحيات مالية ، لهذا نظم المشرع مسطرة استدعاء الدائنين للاستشارة ، ونلاحظ أن هذه المسطرة تتحقق بالاستشارة الفردية ، أما حينما يقوم السنديك باستشارة الدائنين استدعائهم لمجلس ينعقد حسب الفقرة الثانية من المادة 603 من مدونة التجارة بين اليوم الخامس عشر واليوم الواحد والعشرين من تاريخ إرسال استدعاء الحضور ، ويجب في الحالة أن يتم الحصول على موافقة كل دائن حاضر عنه بشأن اقتراحات تسديد الخصوم إن على مستوى التخفيضات على أن عدم مشاركة الدائن بالرغم من استدعائه يعتبر قبولا منه للاقتراحات السنديك  .

ثانيا :  تحقيق الديون 

بالرغم من تصريح دائني المقاولة بديونهم إلى السنديك ، فإن على هذا الأخير أن يقوم بتحقيق تلك الديون بمساعدة المراقبين ، وبحضور رئيس المقاولة أو بعد استدعائه بصفة قانونية ، والكل تحت مراقبة القاضي المنتدب ، وإذا كان هناك دين موضوع نزاع ما فإن السنديك يخبر الدائن بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل تبين سبب النزاع واحتمالا مبلغ الدين الذي ثم اقتراح تقييده ، وتدعو الدائنين إلى تقديم شروحاته ، بحيث على هذا الأخير أن يقدم الرد داخل أجل ثلاثين يوما تحت طائلة عدم قبول أية منازعة بعد ذلك ، يمكن أن يضمنها اقتراح السنديك وهي آجال من النظام العام جاءت لحماية الدائنين من جهة ، وتسهيل عملية الإنقاذ من جهة أخرى . وبالنسبة لديون الأجراء ، يقوم السنديك وبمساعدة رئيس المقاولة وبعد استطلاع رأي مندوب الأجراء بإعداد قائمة ديون الأجراء وذلك داخل الأجل المنصوص عليه في المادة 725 وتودع هذه القائمة بعد التأشير عليها من طرف القاضي المنتدب وكتابة الضبط وبمقر المقاولة يقوم كاتب الضبط فورا بنشر بيان الحكم في الجريدة الرسمية يفيد أن قائمة ديون الأجراء مودعة بكتابة الضبط ، ويتعين على كل أجير لم يتم الإشارة إلى كل أو بعض دينه في تلك القائمة أن يرفع دعواه إلى المحكمة المختصة داخل أجل شهرين من تاريخ نشر القائمة بالجريدة الرسمية تحت طائلة سقوط حقه في المنازعة  .
وقد سبق لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بأن قضت بأنه : " وحيث أن ما تدفع به الطاعنة من ضرورة إعادة مسطرة تحقيق دين الطاعنة لإلغاء الحكم القاضي بفتح المسطرة واستبدال السنديك ، هو دفع غير ذي أثر في مجرى الدعوى ، لأن إلغاء الحكم المستأنف القاضي بفتح مسطرة التصفية القضائية في حق الطاعنة والحكم من جديد لفتح مسطرة التسوية القضائية في حقها مع استبدال السنديك هو مجرد تغيير لوصف مسطرة المعالجة وأن تغيير وصف المسطرة لا يضع عدا الآثار المترتبة عن فتح المسطرة السابقة ومن ضمنها مسطرة تحقيق الديون الناشئة قبل فتح المسطرة .
وحيث أن ما تتمسك به الطاعنة من منازعة في الدين تبقى غير جدية طالما أن الدين المصرح به صدر فيه حكم عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء تحت رقم 11998 بتاريخ 2009/12/09 في الملف عدد 2009/5/7291  والذي طعن فيه الطاعنة بالاستئناف ، فصدر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء قرار يقضي بعدم قبول الاستئناف مما تبقى مع الدين ثابتا بمقتضى مقرر نهائي .
وحيث يتعين تبعا لذلك رد الاستئناف لعدم إسناده إلى ما يبرره وتأييد الأمر المستأنف لموافقته الصواب فيما قضى به " .

المطلب الثاني : اختيار الحل 


بعد إعداد السنديك لتقرير الموازنة ، تملك المحكمة وحدها قرار الحسم في الاتجاه الذي يخدم أهداف هذا التقرير ، حيث يبقى لها اختيار الحل النهائي بالإستناد على تقرير السنديك الأمر الذي يفرض على المحكمة إعمال مبدأ الملائمة في اختيار أحد الحلول وفق معايير موضوعية تصب في اتجاه إنقاذ المقاولة أو تسوية وضعيتها   .
هكذا فإن الحل المختار من طرف المحكمة يندرج ، بين اعتماد مخطط الإنقاذ أو تعديله (الفقرة الأولى ) أو الانتهاء بفسخه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :  اعتماد مخطط الإنقاذ أو تعديله 

يمكن للمحكمة أن تعتمد مخطط الإنقاذ إذا تبين لها وجود إمكانات جدية لإنقاذ المقاولة (أولا) كما يمكنها أن تقوم بتغييره (ثانيا).

أولا :  اعتماد مخطط الإنقاذ 

تتبنى المحكمة مخطط الإنقاذ الذي ينبغي على كل الأطراف احترامه وتنفيذه خاصة رئيس المقاولة ،وتحدد المحكمة مدة تنفيذ مخطط الإنقاذ هذا ، على أن لا تتجاوز خمس سنوات استنادا للمادة 571 من مدونة التجارة ، عكس المشرع الفرنسي الذي جعل مدة تنفيذ مخطط الإنقاذ قد تصل إلى عشر سنوات وفق المادة 12_626 من مدونة التجارة الفرنسية وفي هذا الإطار ينبغي الأخذ بعين الاعتبار عند اختيار الحل أن لا تفرض على الأشخاص الذين ينفذون مخطط الإنقاذ كالشريك مثلا ، تكاليف أخرى غير الالتزامات التي يتعاقد بشأنها عند إعداد هذا المخطط ، وقد يفرض تفعيل مخطط الإنقاذ توقيف أو إضافة أو تفويت بعض القطاعات لنشاط المقاولة ، والتي تؤدي إلى فسخ عقود الشغل لأسباب اقتصادية وبما يستوجبه الأمر من قيام السنديك بإخبار المندوب الإقليمي للشغل وعامل العمالة أو الإقليم المعني ، مع احتفاظ الأجراء المفصولين بحقوقهم المنصوص عليها في مدونة الشغل ، ويمكن للمحكمة أن تأمر بوقف آثار المنع خلال مدة تنفيذ مخطط الإنقاذ وسداد خصوم المقاولة   ، كما تؤكد المادة 626 في فترتها الأولى على أنه '' يمكن للمحكمة أن تقرر في الحكم الذي يحصر مخطط الاستمرارية أو يغيره ، عدم إمكانية تفويت الأموال التي تعتبرها ضرورية لاستمرارية المقاولة دون ترخيص من المحكمة ولمدة تحددها ''.
ويطال البطلان كل عقد أبرم خرقا لقاعدة عدم قابلية التفويت بطلب من كل من له مصلحة في ذلك ، داخل أجل ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ إبرام العقد وكذا من تاريخ القيام بإشهاره حينما يستوجب القانون ذلك.  ، ويترتب عن تنفيذ مخطط الإنقاذ قفل المسطرة بواسطة حكم قضائي في حالة تنفيذ المقاولة لجميع الالتزامات والاستحقاقات موضوع المخطط .

ثانيا :  تعديل مخطط الإنقاذ 

يمكن تغيير مخطط الإنقاذ وكذا أهدافه ووسائله بحكم من المحكمة وبطلب من رئيس المقاولة وبناء على تقرير السنديك ، ويكون واجبا على السنديك استدعاء الجمعية وفق مقتضيات المادتين 609 و 610 من القانون 17.73 في حالة ما إذا كان من شأن تغيير أهداف ووسائل مخطط الإنقاذ التأثير سلبا على التخفيضات أو الآجال التي وافق عليها الدائنون ،وثبت المحكمة بعد الاستماع لأي شخص ذي مصلحة أو بعد استدعائهم بشكل قانوني ، كما يمكن للمحكمة أن تقضي بفسخ مخطط الإنقاذ وفقا للشكليات والآثار المنصوص عليها قانونا  .
وفي هذا المنوال أسند قانون 17.73 للمحكمة التجارية صلاحيات هامة لحصر المخطط وتحديد مضمونه وشروطه ، وكذا اعتماد كل التغييرات التي تراها ضرورية ومناسبة بشكل متطابق مع مسطرة المعالجة ، ويشكل ذلك تكريسا للتوجه الرامي لتأسيس قضاء اقتصادي من خلال التوسيع من دائرة الدور القضائي في هذه المساطر ، فإضافة لما كانت المحكمة تتمتع به من صلاحيات واسعة في اختيار الحل المناسب لوضعية المقاولة والتدخل من أجل هيكلتها من خلال إدخال تغييرات في نظامها الأساسي أو تعليق المخطط إجراء تغيرات في التسيير فإنها تملك صلاحيات إدخال تغييرات على المخطط ، إذا طرأت مستجدات تفرض ذلك .

الفقرة الثانية :  فسخ مخطط الإنقاذ 

من خلال المادة 573 من القانون 17.73 ، فإذا لم تنفذ المقاولة التزاماتها الواردة في المخطط ، يمكن للمحكمة أن تقضي تلقائيا أو بطلب من أحد الدائنين ، وذلك بعد الاستماع لرئيس المقاولة والسنديك بفسخ مخطط الإنقاذ ، وتقرر تبعا لذلك فتح مسطرة التسوية القضائية (أولا) ،أو الدخول في إجراءات التصفية القضائية (ثانيا).

أولا :  تحويل مسطرة الإنقاذ إلى التسوية القضائية 

في حالات كثيرة محتملة الوقوع قد تبادر المحكمة إلى فتح مسطرة الإنقاذ ، وتوقع المقاولة في محك الاختبار تمهيدا في تحديد الحل النهائي ، إلا أنه قد يتبين للمحكمة أن وضعية المقاولة تزداد سوءا وصعوباتها تزداد تدهورا واستفحالا مهما ، تضطر معه المحكمة وتحول المسطرة إلى مساطر المعالجة والتصفية حسب الأحوال استنادا للمادة 573 ، كما يمكنها أن تقضي ابتداء بفتح مساطر المعالجة أو بالتصفية إذا ما لاحظت المحكمة أن المقاولة كانت أصلا متوقفة عن الدفع ، كالحالة التي يتقدم فيها رئيس المقاولة بفتح مسطرة الإنقاذ ثم يتنازل عن طلبه ، بحيث يمكنها بالرغم من التنازل أن تحكم من تلقاء نفسها بفتح مساطر المعالجة نظرا لتعلق الأخيرة بالنظام العام ، كما قد تعتمد المحكمة على التقرير المعد من قبل السنديك لتقر بتحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضائية .
وقد جاء عن المحكمة التجارية بمراكش " بتحويل مسطرة الإنقاذ المقترحة في حق السيد (س) إلى مسطرة التسوية القضائية مع تحديد تاريخ التوقف عن الدفع في الثمانية عشر شهرا السابقة لهذا الحكم ، مع الإبقاء على نفس أجهزة المسطرة وتكليف السنديك بمراقبة عمليات التسيير مع باقي الصلاحيات المخولة له قانونا مع إعداد تقرير عن الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة واقتراح الحل الملائم لتصحيح وضعية الشركة أمر كتابة الضبط بتسجيل ملخص بهذا الحكم بالسجل التجاري المدعي ونشر إشعار به في صحيفة مخول لها نشر الإعلانات القانونية وفي الجريدة الرسمية وداخل أجل ثمانية أيام من صدوره مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل"

ثانيا :  تحويل المسطرة إلى التصفية القضائية .

في حالة تحويل مسطرة الإنقاذ إلى مسطرة تصفية قضائية يصرح الدائنون الخاضعون لمخطط الإنقاذ بكامل ديونهم بعد خصم المبالغ التي ثم استيفاؤها  ، و يصرح الدائنون الدين نشأ حقهم بعد الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ بمالهم من ديون ، ويطبق بهذا الخصوص النصوص المتعلقة بالتصريح بالديون التي نص عليها المشرع في الباب الثاني عشر من القسم السادس من الكتاب الخامس من مدونة التجارة
ويترتب على فسخ مخطط الإنقاذ ضرورة التصريح بالديون من جديد كما أن الدائنين الذين قبلوا بتخفيضات وآجال للأداء خلال مرحلة تنفيذ المخطط ومنحته المحكمة عقودا بشأن ذلك بشأن ذلك بمناسبة حصر المخطط تمكنهم التملص من هذه التخفيضات بقوة القانون لأنها مرتبطة بتنفيذ المخطط المذكور وأداء آخر قسط وبفسخه أصبحوا في حل منها ، وذات الحكم ينسحب على الدائنين الذين رفضوا هذه الآجال خلال الاستشارة الفردية والجماعية معهم من قبل السنديك .


تعديل المشاركة Reactions:
author-img

محمد أمدير

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته اولا تحية سلام و ود منا لزوارنا الكرام نتمنى أن تكون عند حسن ظنكم و تقديم محتوى يرقى لذوقكم و سنعمل على ذلك ان شاء الله
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة